بعد تقلبات المناخ.. الأمراض الموسمية تتصاعد والوعي الفردي هو السلاح الأقوى.

كانون1/ديسمبر 03, 2025

مع بداية كلّ فصل، تتجدّد مخاوف المواطنين من انتشار الأمراض الموسمية التي تتراوح بين نزلات البرد والإنفلونزا الموسمية والحساسية، وصولًا إلى التهابات الجهاز التنفسي الأكثر حدّة. وفي ظلّ تغيّر المناخ وتقلّب درجات الحرارة المفاجئ، باتت الوقاية الصحيّة ضرورة يومية لا تقلّ أهمية عن العلاج.

الفخ الموسمي: لماذا تزداد الإصابات.. وكيف يكون وعيك درعك الأقوى؟

تشير المعطيات الصحية إلى أنّ فصليْ الخريف والشتاء يشهدان أعلى نسب الإصابات الفيروسية، خصوصًا لدى الأطفال وكبار السنّ والمصابين بأمراض مزمنة. ومع ازدحام الفضاءات العامة وعودة الوتيرة العادية للدراسة والعمل، يتضاعف احتمال انتقال العدوى. لذلك تُجمع وزارات الصحة وخبراء الوقاية على أن الحلّ يبدأ من المواطن.

منزل حصين وجسم قوي: 5 عادات يومية تكسر سلسلة العدوى فوراً.

تؤكد الجهات الصحية أنّ الوقاية من الأمراض الموسمية تبدأ من عادات بسيطة لكنها فعّالة في حياتنا اليومية. فغسل اليدين بانتظام بالماء والصابون لمدة لا تقلّ عن عشرين ثانية يظلّ الوسيلة الأنجع لقطع سلسلة العدوى، فيما تساعد التهوية الجيدة للبيوت والفصول والمكاتب على الحدّ من تراكم الفيروسات في الفضاءات المغلقة. كما تلعب التغذية المتوازنة دورًا مهمًا في تقوية المناعة، إذ يُنصح بالإكثار من الفيتامينC والخضروات والفواكه والبروتينات وشرب كميات كافية من الماء. ولا يقلّ النوم الكافي أهمية عن الغذاء، فالجسم المرهق يكون أكثر عرضة للإصابة، لذلك يُوصى بنوم يتراوح بين سبع وثماني ساعات يوميًا مع تجنّب التوتر قدر الإمكان. وإلى جانب ذلك، يبقى التلقيح ضدّ الإنفلونزا الموسمية خطوة أساسية خاصة للفئات الهشة مثل كبار السنّ ومرضى الأمراض المزمنة. كما يساهم ارتداء الكمّامة في الأماكن المزدحمة كوسائل النقل والمدارس والمستشفيات في الحدّ من انتشار الفيروسات، مما يجعل هذه الإجراءات مجتمعة درعًا فعالًا لحماية الصحة العامة.

ليست مجرد نزلة برد! هذه هي الإشارات الحمراء التي تتطلب زيارة الطبيب.

في خضمّ انتشار الأمراض الموسمية، قد يخلط الكثيرون بين الأعراض الخفيفة التي يمكن التعامل معها في المنزل وتلك التي تستوجب تدخّلًا طبيًا عاجلًا. فالسعال المستمر الذي لا يتحسّن مع مرور الأيام، أو ارتفاع الحرارة بشكل متواصل رغم تناول خافضات الحرارة، يعدّان من أبرز العلامات التي تشير إلى احتمال وجود التهاب أكثر خطورة. كما أنّ آلام العضلات الحادّة، وصعوبة التنفس عند بذل مجهود بسيط قد تدلّ على إصابة تستدعي متابعة دقيقة.

أما لدى الأطفال، فيُعدّ فقدان الشهية، الخمول غير المعتاد، أو سرعة التنفس مؤشرات لا يجب تجاهلها، نظرًا لسرعة تفاقم الحالات لديهم مقارنة بالبالغين. ويؤكد الأطباء أنّ التدخل المبكر لا يضمن فقط تجنب المضاعفات الخطيرة، بل يساهم أيضًا في الحدّ من انتشار العدوى داخل الأسرة والوسط المدرسي. لذلك يُنصح بزيارة الطبيب فور ظهور هذه الإشارات بدل الاكتفاء بالاعتقاد بأنها "مجرد نزلة برد" يمكن أن تزول تلقائيًا.

صحة المجتمع مسؤولية مشتركة: دور العمل والمدرسة في مواجهة الفيروسات.

تتحمّل المؤسّسات التربوية والاقتصادية والإدارية مسؤولية مضاعفة في توفير بيئة صحية آمنة تحدّ من انتشار العدوى. ويبدأ ذلك بتنظيف الفضاءات المشتركة بشكل دوري وتعقيم الأسطح الأكثر استعمالًا، مثل مقابض الأبواب والطاولات. كما يُعدّ توفير مواد التعقيم من مطهّرات اليدين والصابون إلى المناديل الورقية إجراءً ضروريًا يُسهّل على الجميع الالتزام بقواعد الوقاية.

ولا يقتصر دور هذه المؤسّسات على الجانب اللوجستي فقط، بل يشمل أيضًا توعية العاملين والتلاميذ بأهمية حماية أنفسهم. ويظلّ تشجيع الموظفين على البقاء في المنزل عند ظهور الأعراض خطوة محورية تقلّل من احتمال انتشار العدوى وتحافظ على استمرارية العمل والدراسة دون اضطرابات. كما تلعب التهوية المنتظمة للقاعات والمكاتب وتعزيز ثقافة الوقاية داخل المؤسسة دورًا أساسيًا في بناء بيئة صحية مستدامة.

الأمراض الموسمية جزء لا يُفارق من حياتنا، لكن السيطرة عليها ممكنة بوعي بسيط وعادات صحيّة يومية. الوقاية ليست جهدًا فرديًا فقط، بل هي ثقافة مجتمع كامل يضع صحته في المقام الأول.

Rate this item
(0 votes)
« December 2025 »
Mon Tue Wed Thu Fri Sat Sun
1 2 3 4 5 6 7
8 9 10 11 12 13 14
15 16 17 18 19 20 21
22 23 24 25 26 27 28
29 30 31