الميزانية والأرقام الرسمية: عجز يحكم الخيارات
أعلن مجلس نواب الشعب عن مشروع ميزانية الدولة لعام 2026، والتي تُقدّر قيمتها الإجمالية بـ79.624 مليار دينار، بزيادة تقدر بـ 3 مليارات دينار عن ميزانية 2025.
في خطوة تهدف الحكومة من خلالها إلى تحقيق التوازن بين الضغوط الاقتصادية وتعزيز البعد الاجتماعي للميزانية .
ووفق الأرقام الرسمية، تُقدّر الإيرادات المتوقعة بـ52.560 مليار دينار، في حين تصل النفقات إلى 63.575 مليار دينار. هذا التباين ينتج عنه عجز مالي واضح يضع الحكومة أمام خيارات صعبة: إما زيادة الموارد عبر الضرائب، أو الاقتراض الدولي، أو تقليص النفقات الحالية
محاور الميزانية المتوقعة: بين الضرورة والضرر
خصصت الحكومة نحو 25.267 مليار دينار لرواتب وأجور الموظفين العموميين، بزيادة نسبتها 3.6% مقارنة بعام 2025. كما ارتفعت ميزانية دعم المواد الأساسية إلى 4.079 مليار دينار، بهدف الحفاظ على القدرة الشرائية للفئات الهشة ومواجهة التضخم المتزايد.
ومع ذلك، من المتوقع أن تؤثر بعض القرارات المالية مثل تعديل الضرائب أو تقليص الدعم على تكاليف المعيشة مباشرة، فارتفاع أسعار السلع والخدمات يقلل القوة الشرائية ويزيد العبء على الطبقات الوسطى والفقيرة.
و يرى المحللون الاقتصاديون: "إذا لم تتضمن الميزانية آليات حماية فعالة للفئات الهشة، فإن القوة الشرائية ستتآكل سريعاً، مع ارتفاع الاحتقان الاجتماعي."
أيضًا، من المرجح أن تساعد الزيادة في رواتب الموظفين والدعم الاجتماعي على تخفيف الضغط المالي على الأسر المتوسطة والفقيرة، لكنها قد لا تكفي لمواجهة تأثير رفع الضرائب وتقليص الدعم.
في المقابل، تنتظر المؤسسات الاقتصادية إجراءات لـتبسيط الإجراءات الجمركية والضريبية للمستثمرين، أملاً في إنعاش النمو وخلق فرص عمل جديدة. إلا أن فعالية هذه الخطوات مرتبطة بشكل أساسي بـ استقرار سعر صرف الدينار وقدرة الحكومة على التمويل .
التحديات المستقبلية
العجز المالي بين الإيرادات والنفقات يفتح الباب أمام زيادة الدين العام أو الاعتماد على الاقتراض الدولي، ما قد يؤثر على الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل. كما أن خفض ميزانيات بعض القطاعاتالإنتاجية الحيوية ، مثل الصناعة والطاقة، قد يضعف الإنتاج الوطني ويؤثر على فرص الشغل.
وفي الختام، تحاول ميزانية تونس 2026 الموازنة بين دعم المواطن وتعزيز البعد الاجتماعي من جهة، والحفاظ على التوازن المالي من جهة أخرى. ومع ذلك، يبقى المواطن التونسي المتأثر مباشرة بأسعار السوق والرواتب أمام تحديات واضحة. التحدي الأكبر ليس في الأرقام، بل في التأثير الاجتماعي والإنساني لقرارات ستحدد ما إذا كانت 2026 سنة التعافي الاقتصادي البطيء، أم مزيدًا من الضغط على "جيب المواطن".






















